الأخلاقالتواصل الاجتماعيالعمران المعنويمن اختيارنا

مايكروسفت الحليف الرقمي للابادة الصهيونية

بقلم: ماهر الملاخ

خلال السنوات الأخيرة، برزت شركات التكنولوجيا الكبرى بوصفهم شركاء أساسيين في العمليات العسكرية الحديثة، حيث توفر تقنيات متقدمة تُستخدم في مجالات متعددة. وتُعد مايكروسوفت من أبرز هذه الشركات، وقد أثار تعاونها مع الجيش الصهيوني جدلاً واسعًا، خاصةً فيما يتعلق باستخدام تقنياتها في النزاع المستمر في غزة.

اولا. حقيقة التعاون بين مايكروسوفت والجيش الإسرائيلي:

مع توالي استقالات مجموعة من كفاءات شركة مايكروسوفت، تكشّف جانب مظلم في العلاقة بينها وبين قوى الاحتلال، حيث لم تعد الحيادية التقنية مبررًا كافيًا لتجاهل دور بعض هذه الشركات في دعم أنظمة الاستعمار والفصل العنصري. وقد برزت مايكروسفت شريكًا رئيسيًا في تطوير وتمكين البنية التحتية الرقمية والأمنية للجيش الإسرائيلي، من خلال عقود بملايين الدولارات وخدمات سحابية تُستخدم في المراقبة والاستهداف. حيث تجاوز هذا التعاون الطابع التجاري إلى بُعد استراتيجي يعزز قدرات الاحتلال في قمع وإبادة الشعب الفلسطيني، مما أثار أسئلة أخلاقية وقانونية حول مسؤولية هذه الشركة وغيرها من شركات التكنولوجيا الاخرى في انتهاكات حقوق الإنسان.

– العقود والخدمات المقدمة: في عام 2021، وقّعت مايكروسوفت عقدًا بقيمة 133 مليون دولار مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، لتزويدها بخدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي عبر منصة “Azure”. تُستخدم هذه الخدمات في تحليل البيانات وتخزينها، وتوفير البنية التحتية الرقمية للعمليات العسكرية.

– زيادة الاعتماد على التقنيات بعد 2023: بعد السابع من أكتوبر 2023، شهد استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت زيادة كبيرة، حيث ارتفع استخدام هذه التقنيات بمقدار 200 ضعف مقارنةً بالفترة السابقة. كما تضاعفت كمية البيانات المخزنة على خوادم مايكروسوفت إلى أكثر من 13.6 بيتابايت بحلول يوليو 2024. 

(المرجع: https://www.theguardian.com/world/2025/jan/23/israeli-military-gaza-war-microsoft?utm_source=chatgpt.com).

ثانيا: استخدام التقنيات في العمليات العسكرية:

تُستخدم تقنيات مايكروسوفت في تحليل كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك الاتصالات والمراقبة، لتحديد الأهداف المحتملة. ويّعتقد أن هذه التقنيات تُستخدم في نظام يُعرف باسم “The Gospel”، وهو نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد واستهداف المواقع في غزة. ورغم أن الهدف المعلن هو تحسين دقة العمليات وتقليل الخسائر بين المدنيين، إلا أن واقع حجم الإبادة الذي تعرض لها سكان غزة يدل على عكس ذلك الادعاء.

(المرجع: https://www.theguardian.com/world/2025/jan/23/israeli-military-gaza-war-microsoft?utm_source=chatgpt.com).

هذه التقنيات التي توفرها مايكروسوفت تُستخدم من قبل الجيش الإسرائيلي والجهات الأمنية الإسرائيلية في أنظمة المراقبة على الفلسطينيين، بما في ذلك تتبع تحركاتهم في الضفة الغربية، وربما استهداف الأفراد والمجموعات عبر خوارزميات معقدة. هذا الدعم يُدرج مايكروسوفت في خانة الشركات المتورطة تقنيًا في جرائم حرب، والفصل العنصري، وانتهاكات حقوق الإنسان.

ثالثا: الاحتجاجات وردود الفعل:

في أبريل 2025، خلال احتفال مايكروسوفت بالذكرى الخمسين لتأسيسها، قامت المهندسة إبتهاج أبوسعد والمهندسة فانيا أغراوال بالاحتجاج علنًا على تعاون الشركة مع الجيش الإسرائيلي، متهمتين مايكروسوفت بالتواطؤ في عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين. أدى ذلك إلى إنهاء خدماتهما من قبل الشركة.

– حملات المقاطعة: وعلى إثرها أطلقت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) حملة تدعو إلى مقاطعة منتجات مايكروسوفت، بما في ذلك منصة Xbox، احتجاجًا على دعم الشركة للجيش الإسرائيلي.

ووفقًا لتقرير وكالة أسوشيتد برس، أكدت مايكروسوفت التزامها بتوفير قنوات داخلية للموظفين للتعبير عن مخاوفهم، مع التأكيد على أهمية عدم تعطيل سير العمل أثناء ذلك. كما أكدت التزامها بمعايير حقوق الإنسان.

(المرجع: https://apnews.com/article/microsoft-protest-employees-fired-israel-gaza-50th-anniversary-c5b3715fa1800450b8d0f639b492495e).

رابعا: خيارات تقنية أخلاقية في مواجهة دعم الاحتلال:

في ظل تصاعد الأصوات الداعية لمقاطعة الشركات المتواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها “مايكروسوفت”، بات البحث عن بدائل أخلاقية في مجال التكنولوجيا أولوية ملحة لمستخدمي البرامج وخدمات الحوسبة السحابية في العالم العربي والإسلامي، وكذلك لدى النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم. هذه البدائل لا تقدم فقط حلاً عمليًا، بل تُجسد أيضًا موقفًا أخلاقيًا واضحًا ضد استخدام التكنولوجيا في دعم سياسات الإبادة والفصل العنصري.

  • ثقافة المقاطعة الرقمية: أكثر من مجرد موقف:

المقاطعة الرقمية ليست فقط تعبيرًا عن التضامن، بل هي استراتيجية مقاومة فعالة في زمن الهيمنة التكنولوجية. فحين يختار الأفراد والمؤسسات أدوات بديلة، فهم بذلك يرسلون رسالة أخلاقية قوية، ويضعفون مصادر تمويل الحروب والانتهاكات.

بل إن بعض المؤسسات الأكاديمية والجمعيات الحقوقية بدأت بإعادة النظر في عقودها التقنية، بما فيها خدمات Microsoft Office 365 وAzure، واستبدالها بمنصات حرة أو محلية

وأمام كل ذلك، يتساءل الكثير سؤال الإمكانية والنجاعة: هل يمكن الاستغناء عن مايكروسوفت؟ الجواب باختصار هو: نعم. بل هناك مجموعة من البدائل الأخلاقية والمتطورة التي تمنح المستخدمين حرية أكبر، وخصوصية أوسع، وخيارات تقنية أقوى، دون التورط في تمويل الانتهاكات ضد شعب فلسطين:

  • بديلًا عن نظام التشغيل Windows، يمكن للمستخدمين الاعتماد على أنظمة التشغيل مفتوحة المصدر مثل Linux Ubuntu وFedora، والتي توفّر بيئة مستقرة وآمنة وخالية من التتبع التجاري. أما في ما يخص برامج المكتب كـ Microsoft Office، فيبرز LibreOffice كخيار مجاني وموثوق يدعم العمل النصي وجداول البيانات والعروض التقديمية.
  • خدمات الحوسبة السحابية: مع تعاظم دور الحوسبة السحابية في البنية التحتية الرقمية، يُعد استبدال خدمات Microsoft Azure خيارًا استراتيجيًا. من البدائل الأخلاقية نجد Nextcloud وOwnCloud، وهما منصتان مفتوحتا المصدر توفّران خدمات تخزين ومشاركة الملفات مع حماية خصوصية المستخدمين.
  • أدوات التعاون والعمل الجماعي: بدلًا من استخدام Microsoft Teams، يمكن اللجوء إلى منصات مثل Jitsi Meet للاجتماعات المرئية، وMattermost أو Rocket.Chat للمراسلات الداخلية، وهي بدائل آمنة ومستقلة يمكن استضافتها على خوادم محلية.
  • بيئة التطوير والخدمات السحابية للمطورين: كبديل عن GitHub المملوك لمايكروسوفت، توفّر منصّة GitLab بيئة قوية لإدارة الأكواد مفتوحة المصدر، وتتيح استضافتها محليًا، بما يضمن استقلالية تامة عن المنصات المتورطة في دعم الاحتلال.
  • أدوات التعليم والتدريب: للمؤسسات التعليمية التي تعتمد على خدمات Microsoft Education، يمكن تبني حلول بديلة مثل Moodle كنظام لإدارة التعلم، وOnlyOffice كبديل لتطبيقات Office التعليمية، مما يوفّر تجربة تعليمية متكاملة دون دعم غير مباشر لسياسات الاحتلال.
مجال الاستخداممايكروسوفتالبديل الأخلاقي
نظام التشغيلWindowsLinux (Ubuntu, Mint, Fedora) – مجاني ومفتوح
حزمة أوفيسMicrosoft OfficeLibreOffice، OnlyOffice
التخزين السحابيOneDrivepCloud، Sync.com، MEGA
البريد الإلكترونيOutlookProtonMail، Tutanota
الاجتماعات عن بعدMicrosoft TeamsJitsi Meet، BigBlueButton
المتصفحMicrosoft EdgeFirefox، Brave، Tor
الحوسبة السحابيةAzureDigitalOcean، Hetzner، Scaleway
محرر الشيفرة البرمجيةVisual Studio CodeVSCodium، Atom
خدمات التعليمMicrosoft Education ToolsMoodle، Edmodo

خاتمة: التكنولوجيا بوصفها ساحة مقاومة:

إن التحول إلى البدائل الأخلاقية يتطلب جهدًا تعاونيًا من المؤسسات والمجتمعات التقنية لتوفير الدعم والتدريب على هذه الأدوات، لكن المكاسب على المدى البعيد – من الاستقلال الرقمي، والحفاظ على الخصوصية، واتخاذ موقف أخلاقي صريح – تستحق هذا الاستثمار. ومع استمرار توثيق التعاون بين شركات التكنولوجيا الكبرى والأنظمة الاستعمارية، يصبح تبني هذه البدائل واجبًا أخلاقيًا لا يقل أهمية عن أي شكل من أشكال المقاومة المعاصرة.

لا يحتاج الدفاع عن القضية الفلسطينية دائمًا إلى البندقية، فحتى الاختيارات التقنية اليومية باتت اليوم جزءًا من معركة الوعي. الاستغناء عن مايكروسوفت – حين تتورط في الجرائم – هو خطوة أخلاقية حاسمة تفتح الباب أمام وعي جديد، ومسؤولية أكبر في استخدام التكنولوجيا. فكما أن المال قد يشتري الصمت، فإن الاستخدام الواعي قد يُحدث فرقًا.

اختر تقنيتك كما تختار مواقفك: حرّة، أخلاقية، ومقاومة.

ماهر الملاخ

ماهر الملاخ- باحث أكاديمي وإعلامي- متخصص في سيميائيات الصورة- تحضير دكتوراة في مجال السيميائيات- له عدة بحوث في مجال الدين والتراث والفلسفة والتاريخ والسياسة والتربية- أخرج وأنتج عدة أفلام وثائقية- منتج منفذ برامج تلفزيونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى