“مرحبا بكم في الجحيم”
قراءة في تقرير “بتسليم” حول السجون الإسرائيلية
تقديم:
مؤخرًا، شهد سجن “سيدي تيمان” في النقب اعتداءً جنسيًا وحشيًا على أسير فلسطيني من قبل مجموعة من الجنود الإسرائيليين. الحادثة تم الكشف عنها بعد تسريب فيديو من كاميرات المراقبة يظهر الاعتداء، حيث تم اختيار الأسير من بين مجموعة من الأسرى الذين كانوا مستلقين على الأرض ومعصوبي الأعين. تم سحب الأسير إلى زاوية حيث تعرض لاعتداء جنسي باستخدام جسم معدني، ما أدى إلى إصابات خطيرة في منطقة المستقيم نقل بسببها إلى المستشفى.
الوحدة المتورطة في هذا الاعتداء هي “Force 100″، وهي وحدة عسكرية مخصصة لحراسة الأسرى في هذا السجن. وقد تم اعتقال تسعة من الجنود المتورطين في الحادثة، ولكن هذه الاعتقالات أثارت غضبًا واسعًا بين نشطاء اليمين المتطرف في إسرائيل، الذين وصفوا الجنود بأنهم “أبطال” واحتجوا على اعتقالهم.
أثارت الحادثة موجة من الإدانة الدولية، بما في ذلك من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التي دعت إلى محاسبة المسؤولين وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات. كما أن هناك مطالبات بإغلاق سجن “سيدي تيمان” بسبب الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون داخله. حيث تم فتح تحقيق واسع النطاق من قبل السلطات العسكرية الإسرائيلية. وعلى الرغم من ذلك، كانت هناك محاولات من قبل بعض الأوساط اليمينية في إسرائيل للدفاع عن الجنود المتهمين ووصفهم “بأبطال”، مما أثار جدلًا واسعًا في المجتمع الإسرائيلي والدولي.
وعلى إثر ذلك، وفي شهر آب/أغسطس الجاري، قدمت منظمت “بتسليم” اليسارية الإسرائيلية تقريرا، بعنوان: “أهلاً بكم في جهنم: تحول السجون الإسرائيلية إلى شبكة من معسكرات التعذيب” ، حيث استندت فيه على شهادات مجموعة من الأسرى الفلسطينيين الذين احتجزوا في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023. يركز التقرير على المعاملة القاسية والتعذيب الذي تعرض له هؤلاء الأسرى، والتغيرات الهيكلية التي أدخلتها إسرائيل على نظام السجون خلال هذه الفترة.
أولا: تقرير “بتسليم”:
تطرق التقرير إلى المحاور التالية:
– مقدمة: تستعرض المقدمة الظروف الصعبة التي عاشها الفلسطينيون بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، ويبرز الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. يشير التقرير إلى أن هذه الانتهاكات تتجاوز القانون الدولي وتعتبر جزءًا من عملية ممنهجة تهدف إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم.
-الإطار المعياري: يناقش هذا المحور، الواجبات القانونية لدولة إسرائيل تجاه الأسرى الفلسطينيين بموجب القانون الدولي، بما في ذلك قانون حقوق الإنسان الدولي، وقوانين الحرب، والقانون الجنائي الدولي. ويشير إلى أن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية التي يمارسها السجانون الإسرائيليون تعد انتهاكًا صارخًا لهذه القوانين.
– إجراءات السجن: يصف هذا المحور السياسات الجديدة التي فرضتها إسرائيل على الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك الاكتظاظ في الزنازين، والإغلاق على الأسرى وحرمانهم من ضوء الشمس والهواء، والعزل عن العالم الخارجي، وفرض قيود على ممارسة العبادة. كما يناقش مصادرة متعلقات الأسرى وتركهم في الظلام.
-التنكيل الجسدي والنفسي: يسلط هذا المحور الضوء على العنف العام والترهيب الذي يتعرض له الأسرى، بما في ذلك الحرمان من النوم، والعنف الجنسي، والاعتداءات خلال عمليات النقل. يشير التقرير إلى أن هذه الممارسات تتم بشكل منهجي، بهدف إضعاف الروح المعنوية للأسرى الفلسطينيين.
– الحرمان من مقومات المعيشة: يتناول هذا المحور الظروف المعيشية القاسية التي يواجهها الأسرى، مثل نقص العلاج الطبي، والتجويع المتعمد، وسوء النظافة الشخصية. ويشير إلى أن هذه الظروف أدت إلى وفاة العديد من الأسرى، خاصة في سجون قطاع غزة.
– وحدة “كيتر” وحالات الوفاة: يتناول هذا المحور حالات الوفاة بين الأسرى الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن بعضهم فارق الحياة نتيجة التعامل العنيف خلال نقلهم إلى السجون أو داخل السجون نفسها. كما يناقش دور وحدة “كيتر” في فرض هذه الظروف القاسية
– قصص أسرى فلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية: يتناول هذا المحور شهادات من أسرى فلسطينيين يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويصف كيف تم التعامل معهم بوحشية وإجبارهم على العيش في ظروف قاسية.
– تلخيص: يلخص التقرير التحولات الهيكلية التي أدخلتها إسرائيل على نظام السجون، مشيرًا إلى أن هذه التحولات حولت السجون إلى معسكرات تعذيب ممنهجة. يشدد التقرير على أن هذه الممارسات تنتهك بوضوح حقوق الإنسان والقوانين الدولية.
يعكس التقرير صورة مروعة عن معاملة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بعد اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، ويظهر كيف أصبحت السجون أداة للقمع والتعذيب الممنهج بحق الفلسطينيين.
ثانيا: منظمة “بتسليم”:
منظمة “بتسيلم” هي منظمة حقوق إنسان إسرائيلية تأسست في عام 1989. تهدف المنظمة إلى توثيق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس) وتقديم تقارير عنها. وتعني كلمة “بتسيلم” باللغة العبرية “في صورة”، وهي تشير إلى المبدأ التوراتي الذي ينص على أن كل إنسان خُلق على صورة الله، مؤكدة بذلك وحدة قيمة وكرامة جميع بني البشر بالتتساوي. وتركز “بتسيلم” على مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك مصادرة الأراضي، وهدم المنازل، والمستوطنات الإسرائيلية، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والعنف الممارس ضد الفلسطينيين. وتعمل المنظمة على نشر المعلومات وجمع الأدلة لتسليط الضوء على الانتهاكات بهدف التأثير على الرأي العام وصانعي القرار في إسرائيل وخارجها.
وقد سبق أن تعرضت “بتسيلم” لانتقادات حادة من قبل الحكومة الإسرائيلية والمجموعات المؤيدة لها، لكنها تواصل عملها في توثيق ما تعتبره انتهاكات لحقوق الإنسان.
منظمة “بتسيلم” يقودها مجلس إدارة يتألف من أعضاء إسرائيليين، ويشرف على عملها مدير عام وفريق إداري. من بين القادة البارزين في تاريخ المنظمة:
- حاغاي إلعاد (Hagai El-Ad) كان المدير التنفيذي لمنظمة بتسيلم لفترة طويلة (من 2014 إلى 2023)، وهو من أبرز الشخصيات التي تولت قيادة المنظمة. إلعاد ناشط في حقوق الإنسان وقد اشتهر بمواقفه الصريحة ضد السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. خلال قيادته، أصبحت بتسيلم أكثر نشاطًا في مناهضة الاحتلال الإسرائيلي وسياساته.
- يوآف سقلار (Yael Stein) كانت مديرة البحث في المنظمة ولعبت دورًا رئيسيًا في توثيق الانتهاكات ونشر التقارير.
- ليانا وينتر (Eliana Winter) تولت أيضًا دورًا بارزًا في الإدارة، خاصة في تطوير السياسات والتواصل الدولي.
- أورين يفتاحيل (Oren Yiftachel) أحد الأكاديميين الذين دعموا عمل بتسيلم وكان له دور في توجيه سياساتها.
- د. يشاي منوهين (Dr. Yishai Menuhin) أحد القادة السابقين الذين قادوا بتسيلم في سنواتها الأولى.
تتغير قيادة المنظمة بمرور الوقت، ويشارك في إدارتها شخصيات مختلفة من خلفيات أكاديمية وحقوقية. تعمل “بتسيلم” بشكل جماعي وتعاوني بين أعضائها لتحقيق أهدافها في تعزيز حقوق الإنسان وإنهاء الاحتلال، حسب معتقدها السياسي.
– غالبية قادة وأعضاء بتسيلم ينتمون إلى اليسار السياسي في إسرائيل. يعارضون سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية، خاصة فيما يتعلق بالاحتلال والمستوطنات. هم عادة من المنتقدين للسياسات التي يرون أنها تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين.
معظم قادة وأعضاء بتسيلم علمانيون، ويعتمدون في عملهم على مبادئ حقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي بدلاً من التفسيرات الدينية. يوجد داخل المنظمة أفراد علمانيون في الغالب، لكن هذا لا يعني غياب المتدينين تمامًا، وإنما الأغلبية تكون علمانية.
” بتسيلم” كمنظمة لا تعارض قيام دولة إسرائيل في حد ذاتها، لكنها تنتقد السياسات التي تعتقد أنها تساهم في استمرار الصراع والانتهاكات بحق الفلسطينيين. هم عادة ما يميزون بين الصهيونية كحركة “وطنية” تاريخية، وبين السياسات الحالية التي يرون أنها تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان. ومع ذلك، ينظر بعض منتقديهم الصهاينة إلى مواقفهم على أنها مناهضة للصهيونية بسبب معارضتهم الشديدة للاحتلال والمستوطنات.
وبذلك، يمكن القول إن قادة وأعضاء “بتسيلم” يميلون إلى اليسار السياسي، هم غالبًا علمانيون، وينتقدون السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالاحتلال، لكنهم ليسوا مناهضين لقيام دولة إسرائيل بحد ذاتها، بل يعارضون السياسات التي يرون أنها تنتهك حقوق الإنسان وتتعارض مع القوانين الدولية.
ثالثا: وحدة “كيتر”:
ورد ذكر وحدة “كيتر” في تقرير “بتسليم”، باعتبارها مسؤوؤلة عن معظم الانتهاكات التي صارت بعد 7 أكتوبر داخل السحون الإسرائيلية. ، حيث تُتهم باستخدام القوة المفرطة والعنف الجسدي والنفسي ضد الأسرى. يُعتقد أن دورها الأساسي هو فرض النظام داخل السجون بوسائل قمعية، وغالبًا ما تكون موضع انتقاد من قبل منظمات حقوق الإنسان بسبب استخدامها للعنف والمعاملة القاسية.
وهي وحدة خاصة تابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية، تعمل بشكل رئيسي داخل السجون ومرافق الاحتجاز الإسرائيلية. تتخصص هذه الوحدة في التعامل مع حالات الطوارئ، بما في ذلك قمع أي تمرد داخل السجون. كما تُعرف بمشاركتها في عمليات تفتيش الزنازين وإدارة الأسرى الفلسطينيين بشكل صارم. والوحدة معروفة باستخدامها أساليب عنيفة في التعامل مع الأسرى، بما في ذلك الضرب، استخدام الغاز المسيل للدموع، وأحيانًا استخدام الرصاص المطاطي. تتعرض الوحدة لانتقادات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
قائد وحدة “كيتر” لا يتم الإعلان عنه علنًا. هذا القائد يكون مسؤولاً عن تنفيذ السياسات القمعية التي تستهدف السيطرة على السجون، خاصة في أوقات الشغب أو التوترات الأمنية.
عمومًا، تعتبر “كيتر” جزءًا من منظومة أوسع تستخدمها السلطات الإسرائيلية للسيطرة على السجون والحفاظ على “النظام” بأساليب قاسية، خاصة في الأوقات التي تشهد توترًا سياسيًا وأمنيًا.
وحدة “كيتر” هي جزء من منظومة مصلحة السجون الإسرائيلية (IPS)، والمعروفة أيضًا باسم “الشاباص” (שירות בתי הסוהר). هذه المنظومة تشمل مختلف الوحدات الأمنية والإدارية التي تدير السجون ومرافق الاحتجاز في إسرائيل، وتتعامل مع الأسرى والمعتقلين بما في ذلك الأسرى الفلسطينيين.
رابعا: وحدات خاصة موازية:
بالموازاة مع وحدة “كيتر”، هناك وحدات خاصة أخرى، تابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية (IPS)، وتعتبر من بين العناصر الأكثر أهمية وحساسية في منظومة إدارة السجون في إسرائيل. تُستخدم هذه الوحدات للتعامل مع مختلف السيناريوهات الأمنية المعقدة داخل السجون، خصوصًا عند التعامل مع “الأسرى الأمنيين” الفلسطينيين. إليك تفصيلًا أكثر عن هذه الوحدات الخاصة:
– وحدة “Force 100”: هي وحدة عسكرية إسرائيلية متخصصة تابعة للجيش الإسرائيلي. هذه الوحدة ليست معروفة على نطاق واسع مثل بعض الوحدات الخاصة الأخرى في الجيش الإسرائيلي، لكنها اكتسبت سمعة سيئة مؤخرًا بسبب تورط أفراد منها في حالات انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان داخل السجون الإسرائيلية، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية على الأسرى الفلسطينيين. وهي مكلفة بشكل رئيسي بمهام حراسة الأسرى الفلسطينيين داخل مرافق الاحتجاز الإسرائيلية، بما في ذلك سجن “سيدي تيمان” سيء السمعة. وتُستخدم الوحدة في عمليات التفتيش العنيفة وضبط النظام داخل السجون، خصوصًا في حالات الاحجتاجات أو التوترات الأمنية. تعمل على تأمين المرافق والتأكد من عدم وجود تهديدات من قبل الأسرى. وقد تعرضت الوحدة لانتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان، سواء داخل إسرائيل أو على المستوى الدولي. هذه لانتقادات تركز على استخدام الوحدة للعنف المفرط والانتهاكات الجسيمة لحقوق الأسرى الفلسطينيين. الحادثة الأخيرة لفتت الانتباه إلى الدور الذي تلعبه الوحدات العسكرية في إسرائيل في إدارة السجون، وأثارت تساؤلات حول مدى التزام الجيش الإسرائيلي بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان، خاصة في ظل دعم بعض السياسيين للجنود المتورطين. وحدة “Force 100” تمثل جزءًا من النهج القمعي الذي يتبعه الكيان الصهيوني في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، وتعتبر مثالًا على التوترات المستمرة بين الحاجة للأمن وحقوق الإنسان في المنطقة.
– وحدة متسادا (מצדה): تعتبر “متسادا” واحدة من أهم وأشهر الوحدات الخاصة داخل مصلحة السجون الإسرائيلية. تأسست في عام 2003، وهي وحدة متخصصة في عمليات السيطرة على الشغب، تحرير الرهائن، والقضاء على التمرد داخل السجون. تُستخدم أيضًا في عمليات التفتيش المكثفة، ونقل السجناء الخطيرين.
أفراد “متسادا” يتلقون تدريبات مكثفة تشمل القتال القريب، استخدام الأسلحة النارية، التعامل مع المواد المتفجرة، وتقنيات التفاوض مع الرهائن. يُعتبر أفرادها من بين الأكثر تدريبًا وتأهيلًا في النظام الأمني الإسرائيلي.
قائد وحدة “متسادا” عادة ما يكون ضابطًا ذا خبرة عسكرية عالية، ومع ذلك، لا يتم نشر اسم القائد بشكل علني عادة لأسباب أمنية. هذه الوحدة تتبع مباشرة للمفوض العام وتعمل في مواقف حرجة تتطلب تدخلًا سريعًا.
شاركت هذه الوحدة في العديد من العمليات الكبيرة داخل السجون، لا سيما خلال فترات التوترات الأمنية العالية، حيث لعبت دورًا في قمع الشغب والتمرد داخل السجون، بما في ذلك سجن كتسيعوت وسجن مجدو.
– وحدة درور (דרור): وهي وحدة خاصة أخرى تُستخدم لمهام أمنية داخل السجون، خاصة في حالات التفتيش والبحث عن الأسلحة أو المواد الممنوعة. تشارك أيضًا في نقل السجناء الخطيرين أو أثناء عمليات التفتيش الكبرى. وتتلقى الوحدة تدريبات مشابهة لتلك التي يتلقاها أفراد القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي. تستخدم تقنيات متقدمة في التفتيش ولديها تجهيزات متطورة تساعد في اكتشاف الأسلحة والمواد الممنوعة داخل السجون.
قائد وحدة “درور” مسؤول عن العمليات التي تشمل التفتيش والبحث عن الأسلحة والممنوعات داخل السجون. وكغيرها من الوحدات الخاصة، فإن القيادة تحتفظ بسرية الهوية لأسباب تتعلق بالأمن.
– وحدة يماز (ימ”ז): وهي وحدة استجابة سريعة، مكلفة بالاستجابة الفورية لأي أحداث أمنية طارئة داخل السجون. تقوم بمهام مشابهة لوحدات الطوارئ في الشرطة، ولكنها مركزة على بيئة السجون. وهي متخصصة في التعامل مع الأزمات الفجائية، مثل حالات محاولة الهروب، احتجاز الرهائن، أو عمليات القمع السريع للشغب داخل السجون.
قائد “يماز” يكون مكلفًا بالاستجابة السريعة لأي حوادث طارئة داخل السجون. مثل بقية القادة، يكون دوره حساسًا وغالبًا ما يتم الحفاظ على سرية هويته.
– وحدة “يمام” (יחידת העילית של משמר הגבול): وهي وحدة النخبة في قوات حرس الحدود الإسرائيلي، لكنها تُستخدم أحيانًا داخل السجون الإسرائيلية في حالات الأزمات الكبيرة، مثل تحرير الرهائن أو عمليات التفتيش الكبيرة. هي واحدة من أكثر الوحدات تميزًا وتدريبًا في إسرائيل، وتتعامل مع القضايا الأمنية الأكثر خطورة وتعقيدًا. ويُستدعى أفراد “يمام” في الحالات القصوى التي تحتاج إلى خبرات خاصة في القتال القريب أو العمليات الدقيقة ضد أهداف محددة داخل السجون.
وتُنتقد الوحدات الخاصة بشكل متكرر من قبل منظمات حقوق الإنسان بسبب استخدامها للقوة المفرطة والعنف ضد الأسرى الفلسطينيين. تشير التقارير إلى أن هذه الوحدات تمارس التعذيب، سوء المعاملة، وتقييد الحقوق الأساسية للأسرى، مما يثير قلقًا دوليًا واسعًا.
المسؤوليات والأسماء المحددة لقادة الوحدات الخاصة والمسؤول العام عن مصلحة السجون الإسرائيلية (IPS) يمكن أن تتغير بشكل متكرر، وغالبًا ما تكون تفاصيل مثل هذه محفوظة داخليًا لأسباب أمنية. ومع ذلك، يمكن تقديم بعض المعلومات العامة حول الهيكل القيادي لمصلحة السجون:
هذه الوحدات تعمل بتنسيق وثيق مع القيادات العليا في الأمن الداخلي، بما في ذلك جهاز الشاباك (الأمن الداخلي الإسرائيلي) والجيش الإسرائيلي، لضمان تنفيذ السياسات الأمنية بشكل فعال داخل السجون.
إيتمار بن جفير (Itamar Ben-Gvir) وزير الأمن القومي الحالي، هو الذي يُشرف على مصلحة السجون الإسرائيلية ويضع السياسات العامة المتعلقة بإدارة السجون. معروف بمواقفه اليمينية المتشددة، وقد أعطى تعليمات بتشديد الظروف على الأسرى الفلسطينيين.
خامسا: المنظومة السجنية الإسرائيلية:
تتكون المنظومة السجنية الإسرائيلية من أربعة مكونات، وهي:
– مصلحة السجون الإسرائيلية (IPS): تعتبر مصلحة السجون الإسرائيلية الهيئة الرئيسية المسؤولة عن إدارة السجون ومرافق الاحتجاز. وهي مكلفة بالإشراف على جميع جوانب حياة السجناء، بما في ذلك الأمن، الرعاية الصحية، الغذاء، والتعليم. تعمل مصلحة السجون وفقًا للقوانين واللوائح الإسرائيلية، ولكنها تواجه انتقادات متكررة من منظمات حقوق الإنسان بسبب تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين.
– الوحدات الخاصة: ضمن مصلحة السجون الإسرائيلية توجد عدة وحدات خاصة مثل “كيتر” و”متسادا” (الوحدة المتخصصة في التعامل مع عمليات الاحتجاز الصعبة والتمرد)، بالإضافة إلى وحدات أخرى متخصصة في مجالات مثل مكافحة التهريب أو التعامل مع الأسرى الأمنيين. هذه الوحدات تُكلف بمهمات حساسة تشمل استخدام القوة لضبط النظام والسيطرة على السجون.
– السلطة التنفيذية: تضم مصلحة السجون الإسرائيلية مجموعة من الإدارات والسلطات التنفيذية التي تشرف على تطبيق السياسات والإجراءات الخاصة بالسجون. وتشمل هذه السلطات الجهات المسؤولة عن صياغة السياسات الأمنية، وإدارة السجون، والتعامل مع قضايا الأسرى، خاصة “الأسرى الأمنيين” الفلسطينيين.
– التنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى: تعمل مصلحة السجون الإسرائيلية بالتنسيق مع أجهزة أمنية أخرى في الكيان الصهيوني، مثل الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك). هذا التنسيق يشمل تبادل المعلومات والاستخبارات والتعاون في عمليات الأمن القومي المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، خاصة خلال فترات التوتر الأمني.
– الوحدات العلاجية واللوجستية: تحتوي المنظومة أيضًا على وحدات تهتم بالجوانب اللوجستية والعلاجية مثل إدارة المستشفيات داخل السجون، وتقديم الرعاية الصحية والنفسية للسجناء، ولكن هذه الوحدات أيضًا تتعرض للانتقاد فيما يتعلق بجودة الخدمات المقدمة للأسرى الفلسطينيين.
المفوض العام الحالي لمصلحة السجون الإسرائيلية (IPS) هو من يشرف على إدارة السجون ويكون مسؤولاً عن العمليات اليومية، السياسات، وتطبيق القانون داخل السجون. يتم تعيين المفوض من قبل الحكومة الإسرائيلية ويكون مسؤولاً أمام وزير الأمن الداخلي. وكان يُشار إلى كوبي يعقوبي في بعض المصادر كالمفوض الحالي لمصلحة السجون. تولى هذا المنصب بعد تعيينه من قبل وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير. يعقوبي معروف بتوجهاته الصارمة ونيته إحداث “ثورة” في إدارة السجون بما يتماشى مع سياسات الحكومة الحالية.
و تُنتقد هذه المنظومة بشكل عام من قبل منظمات حقوق الإنسان، بسبب الانتهاكات التي ترتكبها ضد الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك سوء المعاملة، واستخدام القوة المفرطة، والعزل الانفرادي. وتعتبر هذه المنظومة جزءًا من أدوات السيطرة والقمع التي يستخدمها الكيان الصهيون للحفاظ على الأمن الداخلي، خاصة في التعامل مع “الأسرى الأمنيين” الفلسطينيين.
خاتمة:
في سياق استمرار الاحتلال الإسرائيلي، على الأقل في المناطق غير القانوني للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، تتجلى ممارسات القمع الممنهج ضد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية كجزء من سياسة استعمارية تهدف إلى إدامة السيطرة على الأرض والشعب الفلسطيني. وقد كانت حادثة الاعتداء الجنسي الوحشي في سجن “سيدي تيمان” مثالا صارخا على الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، وهي انتهاكات تتناقض تمامًا مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.
هذا التقرير الذي قدمته منظمة “بتسيلم”، يؤكد أن هذه السجون تحولت إلى معسكرات تعذيب، تُستخدم لترويع وإخضاع الشعب الفلسطيني. لذلك، فالمجتمع الدولي مُطالب بتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية، لمحاسبة إسرائيل على هذه الانتهاكات المستمرة، والعمل الجاد لإنهاء الاحتلال وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستعادة أرضه.
إن العدالة والسلام الدائمين لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال إنهاء الاحتلال وإعادة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، على الأقل، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة والمعايير الدولية.
المصادر المعتمدة:
في سرد المعطيات المتعلقة بالوحدات الخاصة والسجون الإسرائيلية، تم الاعتماد على المعلومات التي استخلصتها من مجموعة من المقالات والتقارير التي تناولت جوانب مختلفة من القضية، بما في ذلك الانتهاكات التي ارتكبتها الوحدات الخاصة مثل “Force 100” و”كيتر”، إضافة إلى السياسات العامة لمصلحة السجون الإسرائيلية. ومنها:
– The New Arab: تقرير حول حادثة الاعتداء الجنسي في سجن “سيدي تيمان”: https://www.newarab.com/news/israel-prison-footage-shows-sexual-abuse-palestinian
– Daily Sabah: مقالات تناولت تفاصيل الاعتداء والانتهاكات داخل السجون: https://www.dailysabah.com/world/mid-east/israeli-troops-sexually-abuse-palestinian-detainee-in-war-crime-tape
-Middle East Eye: تقرير شامل حول وحدة “Force 100” والانتهاكات المرتكبة:https://www.middleeasteye.net/news/sde-teiman-israeli-soldiers-under-arrest-raping-palestinian-prisoner
-تقارير أودتها صحيفة هآرتص بخصوص موضوع معتقل سيدي تيمان: https://www.haaretz.com/search-results?q=Sde+Teiman+prison
ساعدت هذه المصادر في تجميع المعلومات وتقديم صورة شاملة عن الوضع في السجون الإسرائيلية والوحدات الخاصة التي تعمل فيها.