بمناسبة بيان حماس يوم 15/9/2022:
تكمن المعضلة المزدوجة لدى البعض، في الطائفية المذهبية والقصور السياسي
حماس، بحكم انصهارها في تنّور المقاومة، استطاعت ان تخرج من المعضلتين، ويتباين نموذجها الإرشادي (البرادايم) عن النموذج الإرشادي لمعظم مدارس الإسلاميين. وهو ما لم يستوعبه هؤلاء، فيحاولون باستمرار جرها لتظل في بوتقة ذلك البرادايم الذي أثبت نهايته واستنفد أغراضه.
فإيران تبقى اليوم هي الدولة الوحيدة التي تقف تكتيكيا واستراتيجيا مع المقاومة، مع انها تحاول مرة مرة الاستفادة من ذلك الموقف ما استطاعت لذلك سبيلا. غير أن المقاومة لحد الآن، تقاوم ذلك بما يحفظ استقلاليتها.
وأما من جهة أخرى، فالنظام السوري واقعيا قد تجاوز مرحلة إسقاطه، كما تجاوز الثائرون ضده مرحلة اجتثاتهم.
وكلاهما قد أجرم في حق الوطن:
الأول بالتنكيل بشعبه بعد طالب بالحرية، وفتح الباب أمام الحماية الخارجية، والثاني التبعية لقوى خارجية معينة.
فكلاهما تساوى في الجريمة، والقدرة على البقاء.
أما والحالة هاته، فإن العقل الواعي، لا يمكنه إلا ان ينحاز إلى حل الحوار “المرّ”، والدخول في مسار مصالحة وطنية شاملة، تفتح آفاق التغيير.
إذ سوريا بما هي، بلدا عربيا محاذيا للكيان الصهيوني، يبقى عمقا استراتيجيا للمقاومة، ومن البلادة الاستمرار في حرمان المقاومة من ذلك المجال، بما يخدم الصهيونية، التي استغلت الوضع خلال عشر سنين، فأصبحت تعربد في أجواء البلاد دون أن تتلقى ردا على عدوانه.
ومن يدر، فربما يكون لعودة المقاومة إلى المجال السوري، دور في إحياء مشروع الحوار الذي سبق أن طرحته أطراف المقاومة مبكرا، وتواطأ على رفضه أطراف من جهة النظام، وأخرى من جهة الثوار.
كما قد تكون حاجة النظام السوري نفسه لتثبيت شرعيته، وتدشين مرحلة سياسية جديدة، دافعا لأن تُفتح جبهة الجولان الى جبهتي غزة وجنوب لبنان.
فالتاريخ يدلنا على أن المخارج من المعضلات الكبرى تحصل في أشد لحظات العتمة، إذا ما تحرك العقل السياسي خارج الثنائيات المنوية القاتلة.