قراءة في كتاب “الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام”
بقلم الدكتور يوسفي الكتاني
مقدمة
إن كتاب “الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام” هو عنوان 38 حديثا إذاعيا ألقاها المؤلف من إذاعة المملكة المغربية، فيما بين 1956و 1957، قاصدا من خلالها تحسيس المستمع المسلم بأهمية موضوع تجديد الفكر. وفكرته الأساسية هي أن الاستقلال الفكري هو الطابع الأصيل في المجتمع الإسلامي، وأن التقليد هو الانحراف والخروج عن الصراط المستقيم، فليس أدل على ذلك من القرآن الكريم ومن الوقائع التاريخية العملية التي تضمنتها كتب السنة النبوية.
بعد التعرف في هذه الورقة عن مضمون استقلال الفكر، ومكوناته، والموانع التي تحول دونه، نقدم الفكرة الأساسية للكتاب ألا وهي أبعاد الاستقلال الفكري، وأهميته في حيوية المجتمع المسلم واستنهاضه، وانخراطه في الإشعاع القيمي والحضاري مع باقي الأمم. كما نقدم نموذجا حيا للاستقلال الفكري قامت عليه الحركة الوطنية، ثم نعرض في سطور مواضيع مختلفة تطرق لها الكتاب.
الكاتب
هو محمد إبراهيم الكتاني خريج جامعة القرويين على يد ثلة من العلماء من بينهم والده احمد بن جعفر الذي خلف ما يقارب المئة مخطوط وعمه محمد بن جعفر صاحب كتاب النصيحة التي كتب لها المؤلف مقدمة، كما ترجم لوالده ولعمه، ومن بين شيوخه محمد بلعربي العلوي وأبو شعيب الدكالي وقد ترجم لهما. كان الكاتب متأثرا بفكر محمد عبده وقد اقترنت أفكاره بالعمل الميداني فهو من مؤسسي الحركة الوطنية ومن المناضلين في التأطير والتكوين والتوعية وقد ترجم كذلك لجل رفاقه في الكفاح. ونذكر ممن ترجموا له: رفيقه المختار السوسي في كتابه حول معتقل كولميما، وكذلك الأكاديمي عبد الكريم غلاب في كتابه المَاهدون الخالدون.
في عهد الاستقلال شغل الكاتب منصب محافظ المخطوطات بالخزانة العامة بالرباط فتفرغ لفهرسة مخطوطات الخزانة العامة وللبحث عن المخطوطات العربية في خزانات العالم وكذلك في الخزانات المغربية الخاصة ذات الأهمية البالغة، التي تحافظ عليها الأسر والقبائل المغربية بكامل المسؤولية. كما درَّس الكاتب في عدة جامعات مغربية وكان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية.
ومن آثاره عدة مؤلفات -أحصيت فيما يناهز العشرة آلاف صفحة- تصب في مجالات تدور حول حيوية المجتمع الإسلامي: كالاجتهاد والمجتهدون في الإسلام منذ القرن الثاني الهجري والدفاع عن السيادة المغربية عبر العصور وكذلك التشريع الإسلامي وأهمية القرآن والتفاسير، وقد اهتم بأعمال ابن حزم الأندلسي بصفة خاصة. وكل هذا مخطوط باستثناء كتابه “من ذكريات سجين مكافح” الذي أرخ فيه للتعذيب الفظيع الذي مارسه المستعمر في السجون ضد الوطنيين من مثقفين وعلماء ومناضلين عامة. وفي موقعه الخاص يمكن الاطلاع على نبذة من مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة.
منهجية الكتاب
يقدم الكاتب منهجيته قائلا: ” إن موضوع “الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام” موضوع فسيح الأرجاء، متشعب الأنحاء، يقتضي استيعابه عرضا مفصلا لتاريخ الفكر الإسلامي وتطوراته خلال العصور في مختلف البيئات التي عاش فيها الإسلام، متفاعلا معها، مؤثرا فيها، ومتأثرا بها، شأن كل كائن حي، وذلك ما لا سبيل للتفكير في محاولة استيفائه في حديث أسبوعي يستغرق دقائق معدودة.
ومن أجل هذا؛ قصدنا – من أول يوم – الاكتفاء بعرض نماذج من الوثائق التاريخية المتعلقة بالموضوع، على أنظار المستمعين، تاركين لها التعبير عن نفسها بنفسها، مقتصرين من جهتنا على قليل من التفسير والتوجيه، ودفع بعض الشبه التي من شأنها أن تعرض لبعض من لم تتهيأ له فرصة دراسة الموضوع من قبل.
فأوردنا في الأحاديث الأولى بعض الآي القرآنية توضح وجهة نظر القرآن في الدعوة إلى استقلال الفكر، ثم عقبنا بنماذج من الأحاديث وحوادث السيرة النبوية، ثم أفضنا في إيراد حوادث من شأنها أن تعطي صورة صادقة عما انبنى عليه المجتمع الإسلامي على عهد الرسول من استقلال في التفكير.
وأوردنا بعض ما حاربه الرسول من عوائق استقلال الفكر، وبعض أسس التفكير المستقيم في الإسلام التي حاد عن مراعاتها بعض المسلمين، فأخطأوا طريق التفكير المستقيم، مما حمل الرسول على أن يبين لهم خطأهم، ويردهم إلى الاتجاه الصحيح في الفكر الإسلامي، ونحو ذلك.”
الفكر والتفكير
إن الدعوة إلى التفكير وإلى استخدام الحواس واضحة في عدة آيات قرآنية، و يقر الكاتب “بأن القرآن يبلغ بالتفكر كما تبلغ بالقرآن الدعوة إلى التفكير، أسمى مرتبة ممكن التطلع إليها في قوله في سورة سبأ: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}. [سبأ: 46] حيث يحصر فكرته في دعوة الناس إلى التفكر، فرادى ومجتمعين”.
وعلَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الوقوف عند حد النص الشرعي – إذا هم علموه – في مسألة؛ وإذا لم يعلموه؛ أن يتصرفوا بفكرهم المستقل. فكان المجتمع الإسلامي بأكمله في عهد الرسول، يتعامل بمبدأ الالتزام بما هو وحي وبالاستقلال الفكري فيما دون ذلك.
والإسلام يعطي بالغ الأهمية لصرف المرء مواهبه فيما خلقت له ويعتبرها من أفضل العبادات فهو يعفو عن الخطأ إذا كان ناتجا عن ممارسة استقلال الفكر بل أكثر من هذا فإن صاحبه يكون مأجورا على خطئه من الله إذا كان قد أفضى جهده باحثا عن الصواب.
ومن مميزات الإنسان قدرته المرتفعة على التعلم وعلى التبلور مع ظروف الحياة وقد نرى أناسا فقدوا بصرهم أو عضوا من جسدهم ثم استطاعوا باستخدام مختلف طاقاتهم أن يطوروا إمكانات تغطي النقص الذي أصابهم حتى يعيشوا في كرامة.
وحاجة الإنسان في التفكير هي من أشد الحاجات ولا يمكن تحقيق إنسانية الفرد بدونها. وكباقي المواهب ينبغي للإنسان أن يمارس باستمرار التفكير في شؤون وقضايا الحياة بالنظر والاستدلال والبحث في أسباب الأشياء ومؤثراتها، وبهذا السلوك تتكون عنده ملكة أفكاره فتنشأ منها شخصيته الفريدة والمختلفة عن الآخرين فيسهل عليه طرح رؤيته والمساهمة في التدبير الجماعي لشؤون الحياة.
التعريف باستقلال الفكر
حسب تعريف الكاتب فإن استقلال الفكر هو أن يتجرد المرء في تفكيره عن المؤثرات الداخلية لنفسه والخارجية المحيطة به، ويكوِّن لنفسه فكرة قائمة على البرهان ورعاية المصلحة العامة، غير خاضعة لهوى ولا شهوة، ولا غرض شخصي، ولا متأثرة بإلف ولا اعتياد، ولا صادرة عن اتباع رئيس، أو تقليد قائل لا يستند في قوله إلى حجة، ولا يعتمد على برهان.
وفي هذا الاتجاه جاء في مسندي أحمد والدارمي بإسناد جيد رجاله ثقات، عن أبي ثعلبة الخشني أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: البر: ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب. والإثم: ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المُفتون.
مكونات استقلال الفكر
إذا كان الله – سبحانه – قد أمرنا باستخدام عقولنا، واستعمال فكرنا، فقد كلفنا أن نأتي من ذلك – كما في غيره – بما في طاقتنا: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}. [البقرة: 286]، في دائرة ما حدده سبحانه لنا من حدود، ووهبه لنا من مواهب تختلف في الواحد منا عن الآخر، حرصين في ذلك على المكونات الآتية:
1- الإخلاص لله وحده وما يترتب عليه من حسن نية الفرد وإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، وابتغي به وجهه”. وذلك سر بين العبد وربه، لا وسيلة لأحد من خلق الله لمعرفته والاطلاع عليه،
2- المعرفة والخبرة والاستشارة: ”ولا تقف ما ليس لك به علم“ وقد سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن العزم؟. فقال: “مشاورة أهل الرأي، ثم اتباعهم”،
3- تحمل المسئولية: ولنتحمل تبعة ما أدانا إليه تفكيرنا المستقل في حدود مواهبنا ومؤهلاتنا،
4- الحجة والبرهان: على أن الاستقلال في التفكير لا يعني مخالفة الناس لأجل الخلاف ولا موافقتهم – دائما – لأجل الاتفاق، بل: يعني تحكيم الحجة، والوقوف عند ما أدى إليه الدليل وقام عليه البرهان،
5- احترام استقلال فكر الآخرين كما نحترم استقلالنا- تلافيا لشر الفرقة والنزاع-، فلا نحاول أن نفرض عليهم وجهة نظرنا التي كوناها لأنفسنا تحت تأثير عوامل خاصة، قد تختلف عن المؤثرات التي يخضع لها الآخرون. ومما جاء في الكتاب:
“وإذا اطمأنت نفس كل مفكر إلى أنه استفرغ وسعه في تحري الحق جهده، مع احتمال أن يكون عند غيره من الحق ما ليس عنده؛ أمكن تلافي شر ما في ضيق الفكر والتعصب للرأي تعصبا أعمى من مفاسد وأضرار، وبذلك نجمع بين فضيلة استقلال الفكر، وبين المحافظة على وحدة الجماعة وانسجامها وتناسقها.”
ويقول الكاتب: “ومن علامات الاستقلال في التفكير: غيرة المفكر على فكرته، وتمسكه بها، والدعوة إليها، والدفاع عنها. بل إن المفكر المستقل كثيرا ما يستعذبُ الموت في سبيل فكرته؛ لأنها أهم عنده من الحياة وأشرف، بل هي أسمى ما يمكن أن تحققه الحياة، وأية قيمة لحياة لا فكر فيها؟.”
ويزيد قائلا: “ومن الواجب أن يعرف كل واحد أنه في ممارسته لاستقلاله الفكري، وتسلحه له بما يتطلبه من معرفة وخبرة ووسائل، يكون في نظر الإسلام ممارسا لعبادة من العبادات الدينية؛ كالصلاة والصوم والحج سواء بسواء، وأنه في تعرضه للإذاية والاضطهاد في سبيل آرائه وأفكاره المستقلة؛ له أجر الشهداء عند الله.”
وفي الحديث: “أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر”. أخرجه أبو داود وابن ماجه، وأحمد في مسنده، والطبراني في “الكبير”…وغيرهم.
موانع استقلال الفكر
ذكر الكتاب كثيرا من موانع الاستقلال الفكري التي قاومها الإسلام بالقول والعمل كالاعتياد، واتباع الظن والهوى، ومحاربة الجديد لمجرد جدته، والتمسك بالقديم لمجرد أنه قديم؛ أو اتباعا للآباء أو للرؤساء والمسيطرين، واتخاذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله باتباعهم فيما يحرمونه من حلال وما يحلونه من حرام. وركز على آفتين أساسيتين تعتبر من أخطر موانع استقلال الفكر، ألا وهي:
أولا الوقوع تحت تأثر المجتمع والخضوع له، ومسايرته حيث سار، عن غير بصيرة ولا روية ولا تفكير. وهل كون التاريخ، وخلق الأمم، وسار بالحضارة إلى الأمام إلا من وطنوا أنفسهم على أن يحسنوا مع الناس وأن يجتنبوا إساءتهم إن أساؤوا؟.
والمانع الخطير الثاني لاستقلال الفكر هو: تقديس الأشخاص، أحياء أو أمواتا، واعتقاد الكمال فيهم، فإذا توهم المرء أن فردا من الناس قد وصل من الاطلاع والعلم والمعرفة، أو الفضل والصلاح والاستقامة، لدرجة لا يخطئ معها؛ انزلق إلى تقليده من غير روية ولا تفكير، وعطل فكره، وأهمل عقله.
وفي الحديث الشريف المعروف لذا الجمهور: من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة؛ فليقل: أحسَب فلانا والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا. إن كان يعلم ذلك منه!”
امثلة لعدم استقلال الفكر
كما ذكر الكاتب أمثلة حية لعدم استقلال الفكر منها:
“الملحد الذي يُنكر وجود الإله – مع ما يملأ الكون من آيات في الأنفس والآفاق على وجوده سبحانه،
والمشرك الذي يتخذ أندادًا من دون الله، أو مع الله،
والمسيحي الذي يجعل لله صاحبة وولدا، ويعتقد تجسُّد الإله وصلبه،
والمسلم الذي يتعصب لمذهب من المذاهب المختلفة، ويأبى الاستفادة في إصلاح شؤون المجتمع الإسلامي وترقيته من مختلف مدارس الفكر الإسلامي التي نشأت أيام ازدهار المجتمع الإسلامي ورُقِيِّه
والجامدون الذين يرون عظم الانقلاب الذي حدث في الوجود، وانقلاب أوضاع الدنيا رأسًا على عقب، ثم لا يتعظون بذلك.”
أبعاد استقلال الفكر
مما جاء في الكتاب: “إن الدعوة لاستقلال الفكر والإقلاع عن التقليد ليست ترفا فكريا يليق بقوم ويستغني عنه آخرون، ولا فكرة فلسفية تناسب النخبة ولا يحتاج إليها الجمهور، ولا أدبا راقيا وفنا جميلا يرقق الشعور، ويلطف الوجدان، ولكنها ركن أساسي من أركان الفكر في الإسلام، وهي نقطة البداية في كل تجديد إسلامي، وانبعاث ديني. وكل إحياء وإصلاح، وكل عمل أريد إقامته على غير أساسها فلا يمكن أن تقوم له قائمة أو يأتي بنتيجة تستحق الاهتمام.”
ولن يسترجع الإسلامُ حيويتَه وقُدرته على المساهمة في بناء عالَم أفضل – كما سبق له أن فعل من قبل – إلا بعد أن تُقتلع من المجتمع الإسلامي جذورُ الأسباب العميقة التي قضت على حيوية الإسلام، وصيَّرتْهُ رُفاتا هامدا لا حَراك به. وأهمُّها: التقليد الأعمى.
ويلح الكاتب على: “إعادة النظر من جديد في ما خلفته قرون الظلام من صور عن الإسلام في سائر الميادين المختلفة، من عقائد وعبادات، ومعاملات وأخلاق، وآداب، لمعرفة ما هو أصيل منها وما هو دخيل، والتفرقة بين ما مصدره الوحي المعصوم، وما مصدره الرأي الذي من شأنه أن يُصيب أحيانا ويخطأ أحيانا أخرى، ولو بلغ صاحبُه ما بلغ في الجلالة والإمامة والعرفان.”
ويزيد قائلا” ولن يتم للمسلمين الانبعاثُ الإسلامي المرتجى، ولن يكون هناك أملٌ في استعادة مجد الإٍسلام الضائع؛ إلا بعد أن ينبُذ المسلمون المذاهب المختلفة وراءهم ظهريا، ويرجعوا مباشرة إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، وما وهبهم الله من عقول، في دائرة التسامح وسعة الصدر، والاحترام المتبادل لوجهات النظر المختلفة، كما كان السلف الصالح رضي الله عنه، فلن يُصلِح آخر هذه الأمة إلا ما صلح عليه أولها كما قال مالك بن أنس رحمه الله.
باستقلال الفكر يكون الإسلام صالحا لكل زمان ومكان
في حديث صلاة العصر قال النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب: “لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة. فأدرك بعْضَهُم العصرُ في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم: بل نصلي!؛ لم يرد منا ذلك. فَذُكِر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فلم يعنف أحدا منهم”.
فكتب الكثير حول هذا الحدث. ويقول مؤلف كتاب استقلال الفكر في هذا الموضوع:
“والحق أن ما وقع في الطريق إلى بني قريظة، يمثل عقليتين مختلفتين توجدان معا في كثير من المجتمعات في مختلف العصور:
إحداهما: عقلية من يتقيدون بالنصوص، ويقفون عندها لا يعدونها.
والأخرى: عقلية من يراعون مقاصد النصوص ومعانيها وأهدافها.
وكل طائفة من أصحاب هاتين العقليتين تفسر الحياة وتفهمها وتسير فيها على نهج يتفق مع طبيعة تفكيرها، ولو أُريدت على أن تسير على نهج تفكير الطائفة الأخرى؛ لم تستطع أن تغير فطرتها التي فطرها الله عليها.
والإسلام جاء لهؤلاء ولهؤلاء، فكل واحد منهما يستطيع أن يجد فيه ما يتفق مع طبيعته، ويرضي نزعة فكره، من غير أن يكون في ذلك مخالفا للإسلام، ولا منسلخا من جماعة المسلمين.
وذلك من معاني كونه: دين الفطرة، وصلاحيته لكل زمان ومكان، ولجميع البشر على اختلاف عقلياتهم وثقافاتهم، ودرجات رقيهم في سلم الحضارة والعرفان.
وإن الدارس لتاريخ الفكر الإسلامي؛ ليصادف كلا من هاتين العقليتين في كثير من عصوره الزاهرة، ويلاحظ ظهورهما في كثير من المظاهر والأشكال، وتلك إحدى مظاهر “استقلال الفكر في الإسلام! “
ويزيد قائلا في نفس القضية: “ومما قال السهيلي في “الروض الأُنُف”: ولا يستحيل أن يكون الشيء صوابا في حق إنسان وخطأ في حق غيره. وإذا كان بعض أسراء التقليد لا يقبلون ما جاء عن الله ورسوله إلا إذا كان مقرونا بتزكية من كلام الأئمة يكون بسببها صالحا للقبول؛ فلننقل لهم عن الأئمة ما يتفق مع [ما] قلناه: قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري”: “ونقل عن الأشعري أن: كل مجتهد مصيب. وأن: حكم الله تابع لظن المجتهد. وقال بعض الحنفية وبعض الشافعية: هو مصيب باجتهاده، وإن لم يصب ما في نفس الأمر، فهو مخطئ وله أجر واحد”.
ويقول الكاتب كذلك: “ان شريعة الإسلام شريعة عملية واقعية، وليست فلسفة نظرية خيالية؛ فقد كانت في نشأتها مسايرة لنشأة المجتمع الإسلامي، متدرجة معه في سلم التطور. ونهى القرآن الذين آمنوا أن يسألوا عن أشياء إن تُبد لهم تسؤهم، وكره الرسول المسائل وعابها، وقال: “دعوني ما تركتُكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم، واختلافِهم على أنبيائهم”.
وقد سكت القرآن عن كثير من التفاصيل والجزئيات، رحمة بالعباد غير نسيان لها، ليتصرف فيها أولو الأمر حسب ما يقتضيه اختلاف الأحوال وتغير الظروف.
ومن هنا جاءت غلطة المقلدين الأساسية، حيث لم يفرقوا بين ما تولى الله بيانه بنفسه، مما هو من جوهر النظام الإسلامي وأسسه، وبين ما تركه لفكر أولي الأمر المستقل، حسب اختلاف الظروف وتغير الأحوال، {وما كان ربك نسيا}. [مريم: 64]، فظنوا أن ما قاله بعض الفقهاء بفكرهم المستقل في ظروف وأحوال معينة، من شأنه أن يصلح للناس أجمعين على اختلاف عصورهم وتطور أحوالهم، وتنوع مجتمعاتهم، بقطع النظر عما عساه أن يكون بينهم من فوارق في سلم التطور وميادين الحضارة والعرفان.
وذلك هو ما وقع بالفعل في مختلف المجتمعات الإسلامية التي انعدم فيها عنصر التفكير المستقل، في عصور انحطاطها وجمودها ورجعيتها، فسارت الحياة سيرها الحتمي الذي لا مرد له، وبقي النظام الإسلامي بمعزل عن شؤون الحياة وتطوراتها، مما جرأ أعداء الإسلام على اتهامه بالجمود الذاتي والعجز عن مسايرة تطورات الحياة وانقلاباتها.
فليتق الله في الإسلام الجامدون المقلدون من فقهائه، فإنَّ تَبِعَتَهُم في تخلف المجتمع الإسلامي وانحطاطِهِ تبعةٌ عظيمة، وإن الله سائلهم فمحاسبُهم حسابا عسيرا غير يسير.”
مثال حي لاستقلال الفكر
في العشرينيات من القرن الماضي، كانت وضعية المنطقة ليست بالهينة: المغرب تحت الحماية والجزائر مستعمَرة منذ حوالي قرن ونصف. وموازين القوى الحربية أضحت لصالح الاستعمار، خصوصا بعدما فضل المجاهد الأمير محمد بن عبد الكبير الخطابي الاستسلام والحفاظ على أرواح الأبرياء.
فنشأت الحركة الوطنية بعد نفي الأمير الخطابي متأثرة به ومستفيدة من تجربته، وأصبح من الضروري آنذاك التفكير في منهج مختلف عن أساليب المقاومة المسلحة التي برزت في البلاد الإسلامية عامة وفي مختلف جهات المغرب خاصة، دون الوصول إلى زعزعة استقرار المستعمر.
شرع قادة الحركة الوطنية في عمل تدريجي لتنفيذ منهج شمولي يهيٍئ كل الظروف اللازمة لترسيخ النضال الفعال والمؤثر على سياسة المستعمر، مما يضم توعية الشعب وإشراكه في مختلف المراحل من خلال الخلايا السرية، وخصوصا التمدرس الحديث للشباب بحيث كان يستحيل استدراك الفوارق المعرفية مع المحتل دون قفزة نوعية ممتازة لمكون الشباب – ذكورا وإناثا- فأُنشأت المدارس الحرة لتركيز القيم في الابتدائي وآمن محمد الخامس رحمه الله بأهميتها فشجعها بل أصبح رائدها.
أما تدريس الفتيات فكان في أول الأمر ممنوعا من طرف إدارة المستعمر، فتعلم الفوج الأول سريا قبل أن تتراجع الإدارة على المنع.
نسق قادة الحركة الوطنية مع جمعية علماء الجزائر ففتحت هنالك المدارس الحديثة في الثلاثينيات مما كان له بدون شك تأثير على حوادث مسار تحرير الجزائر مع جيل متخرجي هذه المدارس، بلغ أشده في الستينيات بعد أكثر من قرن ونصف من المحاولات الجهادية المنحصرة في المعارك المسلحة ضد الاستعمار، والتي لم تحقق هدفها المنشود.
والملاحظ أن المنهج الذي ابتدعته الحركة الوطنية المغربية آنذاك مطابق تماما مع نظرية قابلية الاستنهاض التي فصلها في بداية القرن الواحد والعشرين الأستاذ الدكتور ماهر الملاخ في ورقته “الاحتباس الحضاري والقابلية للاستنهاض”
أما الحركة الوطنية فكان منهجها مبني على استقلال الفكر الذي تربى عليه قادتها في جامع القرويين على يد ثلة من المجددين الذين تأثروا بالثورة الفكرية التي نشأت في الشرق في القرن التاسع عشر. ومما جاء في الكتاب: “إن استقلال الفكر والثورة على التقليد هي السمة الأولى التي اتسم بها الرعيل الأول من مؤسسي الحركة الوطنية المغربية وقادتها، وإليها يرجع فضل كبير في هذا النجاح المدهش الذي سجلته طيلة هذه الثلاثين سنة الماضية، وهذا الطابع الفريد الذي ينطبع به البعث المغربي على مثال لا نظير له في غير المغرب، فلا هو بالقديم ولا بالحديث، وفيه مع ذلك الكثير من القديم والحديث، ولا بالشرقي ولا بالغربي، وفيه من الشرق ومن الغرب الكثير، وهو قد قطع كثيرا من المراحل في أسرع وقت، وتخطى كثيرا من المشاكل التي ارتكس فيها الكثير من الأمم الشقيقة.
بسبب هذا الاستقلال في التفكير الذي يتسم به قادة الحركة وموجهوها، وبسبب فقدان هذه العقلية المستقلة؛ عجز من عجزوا من مقلدة القديم أو الحديث، أو الشرق أو الغرب، عن فهم الحركة المغربية، ومسايرتها، والتفاعل معها.”
مما تطرق إليه الكتاب
أكد الكاتب على أهمية الرجوع إلى القرآن وإلى السنة لمن أراد أن يُكون لنفسه فكرة مستقلة عن الدين الإسلامي، حيث قال: “فلن يغني عن القرآن في فهم الإسلام غيره، ولن يقوم مقامه سواه، ولن يسد مسده – وحده – جميع ما كتبه المؤلفون، ولخصه الناظمون، والمختصرون، ووضحه الشارحون، وبينه المشحون، وحرره المعلقون.”
كما ذكر أنه: “حق لمن لم يدرس الإسلام في القرآن وسيرة الرسول وسنته، ولم يسايره في تطوره خلال القرون، ولم يتعمق أسباب قوته وضعفه، وانتصاره وانهزامه، وانتشاره وتراجعه، أن تكون معرفته بالإسلام ناقصة، وتصوره له مضطربا. “
وقدم الكاتب تحليلا شموليا مبني على الاستقلال الفكري لحركة جمع الصحابة رضي الله عنهم للقرآن ثم لحركة جمع الحديث وتنصيفه ومجلدات سير الرواة ودور السند في اختيار الأحاديث كمكون قوي للاستقلال الفكري في علم الحديث. وأكد أنه أورد الأحاديث- في كتاب الدعوة إلى استقلال الفكر- بصفتها وثائق تاريخية تسجل وقائع حدثت في المجتمع الإسلامي على عهد الرسول، ورواها المحدثون – رحمهم الله – بما عرف عنهم من التحري والتثبت والنقد العلمي النزيه، الأمر الذي يجعلها جديرة بثقة واطمئنان مؤرخ التطور الفكري في المجتمع خلال مرحلة تاريخية معينة.
وعالج الكتاب بعض المبادئ الأساسية التي تضمن مجتمعا سليما تسوده الحوية والمرونة ومنها:
1) أنه ليس في الإسلام سلطة كهنوتية تدخل من شاءت في الإسلام وتخرج منه من شاءت، أو تفرض على الفكر الإسلامي وجهة نظر معينة. فالإسلام يضمن لمعتنقه ميدان فسيح في دائرة الإيمان بالله وتصديق رسوله، ولا يترك أي مبرر لمسلم في التطلع إلى الخروج من هذه الدائرة الشاسعة الأبعاد.
2) النضرة الشمولية والمستقبلية والاستعداد لها وذكّر بموقف عمر ابن الخطاب في قسمة السواد لما فتحت الشام والعراق وغيرهما من الأقطار. وذلك شأن كل مسؤول ينطلق من النظرة الشمولية في مجالات اهتمامه قبل أن يفحص الجزئيات ويقف على تحسينها خدمة للمصلحة العامة.
3) رعاية المصلحة العامة: وهي على عاتق أولي الأمر أولا -كما جاء في النقطة السابقة- ولكنها في نفس الوقت مسؤولية الجميع. فإذا اطمأن المرء على مصلحته ومصلحة أسرته، فعليه أن يهتم بدوائر أوسع كالحي وميدان العمل على أن يبقى في حدود إمكاناته. لا يجوز -على سبيل المثال- لمن لا يجد قوت يومه أن يساهم في صندوق الإنفاق على المحتاجين، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابيا عن هذا، وكما لا يجوز لمن يرعى والدته المكفوفة أن يتركها وحدها للذهاب للجهاد وقد رفض صلى الله عليه وسلم ذهاب صحابيا إلى الجهاد حتى يبقى بجوار والدته. وذلك هو شأن الصدقات كذلك حيث يقول المثل المشهور: في الأقارب أولى، وقد وردت على رسول الله أمثلة في هذا.
4) الاهتمام بالضعيف: مما جاء في الكتاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفتح صندوق تجمع فيه الصدقات فترد إلى الفقراء. ويدخل في هذه النقطة وجوب الزكاة، والحض على عتق الرقاب، والرفق بالأسرى على سبيل المثال.
5) طاعة المسؤول عن الجماعة: إن سير أمور الجماعة يقتضي أن يطيع المرؤوسون رؤساءهم، ولكنها ليست الطاعة العمياء بل هي مشروطة بأن لا يأمر الرئيس مرؤوسيه بمعصية.
ولا بد من ذكر حالة استثنائية لهذه القاعدة: فرُوي أن الوليدَ بن عقبة كان أميرا على جيشٍ بأرض الروم، فشرب شرابا فسكر، فقال الناسُ لأبي مسعود، وحذيفة بن اليمان: “أقيما عليه الحد!”. فقالا: “لا نفعل؛ نحن بإزاء العدو، ونكره أن يعلموا، فيكون جرأة منهم علينا، وضعفًا بنا”. وفي رواية: “تحُدُّون أميرَكم وقد دنوتُم من عدوكم؛ فيطمعون فيكم؟”.
وهو – ولا شك – تصرُّفٌ حكيم، أملاه استقلالُ الفكر الإسلامي رعايةً لمصلحة جماعة المسلمين.
6) الشورى: يقول الكاتب معقبا على الآية [آل عمران: 159] “يأمر الله نبيه بمشاورة المسلمين، فيقول: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله}. وانه من غريب أمر هذه الآية، أنها نزلت بعد غزوة أحد، بعد أن استشار الرسول أصحابه، وأبدى رأيه في التحصن بالمدينة وعدم الخروج منها للقاء العدو الذي نزل قريبا من جبل أحد، فلما رأى أن الأكثرية ترى الخروج؛ تنازل صلّى الله عليه وسلّم عن رأيه، واتبع رأي الأغلبية.
وبعدما جاءت الحوادث مبينة صواب ما كان الرسول ارتآه من عدم الخروج، وخطأ رأي الأغلبية في الخروج؛ نزلت الآية تأمر الرسول من جديد بمشاورة أصحابه في الأمر، رغم ما أدى إليه هذا التشاور من إشارة أغلبيتهم برأي كشفت الحوادث خطأه،
فإن انكشاف خطأ رأي الأغلبية مرة من المرات لا ينبغي أن يشكك في قيمة الشورى، أو يبرر التفكير في إهمالها والاستغناء عنها.”
أخرج ابن عدي والبيهقي في “شعب الإيمان”، بسند حسن، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لما نزلت: {وشاورهم في الأمر}؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أما إن الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم؛ لم يَعدَم رُشْدا، ومن تركها؛ لم يعدم غَيًّا”.
7) النفاق والخيانة: مما جاء في الكتاب أن “الناظر في أحوال المجتمعات البشرية ليجدها قد قامت في مختلف أطوارها التاريخية والحضارية، على أساس أن كل عضو من المجتمع اتصل بأعداء المجتمع، أو تعاون معهم، أو عمل بوحيهم أو لحسابهم، أو تقاضى منهم أجرا أو إعانة على هذا العمل، يعتبر منسلخا من هذا المجتمع، خائنا له، وأنه غير أهل لهذه العضوية التي منحها له المجتمع، على أساس أن يبادله إخلاصا بإخلاص، وتضامنا لتضامن، فاستغلها للتآمر ضده والكيد له.” وأن تصرفه لا يعتبر ناتجا عن استقلالاه الفكري لأن الاستقلال الفكري يعني عدم الخضوع لأي تأثير داخلي كالهوى مثلا أو خارجي كالخضوع للسلطة.
الكتاب وقصته
إن هذا الكتاب يشخص لنا الاهتمام الأساسي للكاتب، فحسب ما جاء فيه أنه منذ أكثر من ثلاثة عقود وفكرة استقلال الفكر حبيسة في ذهنه إلى أن تحررت البلادمن قبضة الاستعمار، ثم كما قال: “ادُّخر لنا شرف السبق إلى عرض الفكرة على المستمعين، لافتين الأنظار إلى أن الفكرة فكرة إسلامية صميمة، دعا إليها القرآن والسنة، وقام على أساسها المجتمع الإسلامي على عهد الرسول، وكل ما لنا فيها هو: جمع الآيات والأحاديث والحوادث، وطريقة العرض، وأسلوب الأداء، مما نرجو أن نكون قد وفقنا فيه إلى بعض ما هدفنا إليه”.
قد صدر كتاب ” الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام” أولا سنة 1435ه – 2014م في البحرين بمكتبة نظام يعقوبي الخاصة -أدام الله انجازاتها، وبتحقيق ابن عمي حمزة بن مولاي علي الكتاني حفظه الله مشكورا، في مجلد من 922 صفحة من الحجم المتوسط، يحتوي على مجموعة من الإضافات من أهمها تلخيص الكاتب للمباحث المتعلقة باستقلالية الفكر والدعوة للاجتهاد من كتاب “أعلام الموقعين عن رب العالمين” للإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية وهو – كما أشار المحقق – أحد الأعلام الذين أُعجب المؤلف بهم وبعلومهم، وضمَّن ترجمته في كتابه الذي نترقب إصداره إن شاء الله “طبقات المجتهدين وأعداء التقليد في الإسلام”.
ثم منَ الله علينا بطبعة جديدة صدرت سنة 2018 بمساندة المشرفين على مطبعة رؤى برينت بسلا، جزاهم الله خيرا، وبدعم من وزارة الثقافة المغربية – نتمنى لها الاستمرارية والتوفيق في برامج دعم النشر- في 216 صفحة من الحجم المتوسط، تفرد الكتاب رغبة أن يصل إلي أكثر عدد من القراء في صيغة المخطوط الأصلي.
في سنه 1937 بمناسبه تدشين مدرسة دار الحديث بتلمسان ويرى في وسط الصورة الإمام عبد الحميد بن باديس وعن يمينيه الشيخ البشير الإبراهيمي وعن شماله الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني بسلهامه الأسود.
خاتمة
الكتاب يقدم منهاجا أساسيا للرقي بالفرد وبالمجتمع المسلم. وقد مضت قرابة سبعة عقود على إلقاء محاضرات استقلال الفكر بالإذاعة المغربية، وقد تغيرت أشياء كثيرة في أفكار وعادات المجتمع. فمنهجية التنزيل لهذه التوجهات والأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الأفراد – صغارا وكبارا، وكذلك الجماعات – في ترسيخ سلوك التفكير المستقل تبقى من المواضيع المفتوحة للبحث العلمي التجريبي وكذلك لتطبيقات ميدانية في متناول المؤسسات الحكومية والخاصة وكذلك المجتمع المدني.
ثم إن من العوامل التي من شأنها أن تساهم في الرقي الفكري للمجتمع هي مناهج التدريس بما في ذلك التعليم الديني كما نبَّه الأستاذ الباحث في المعهد العالمي للفكر الإسلامي – الدكتور فتحي حسن ملكاوي – في كتابه “منظومة القيم المقاصدية وتجلياتها التربوية”.
إلى أن “نظم التعليم في معظم البلاد الإسلامية تمتاز باعتماد فلسفة تربوية تشير إلى البعد الديني، ومع هذا فإن التعليم الديني بصورة عامة والتعليم الديني الإسلامي بصورة خاصة يعاني من مشكلات جوهرية، فكثير من ممارساته يجري توارثها من أزمان سابقة، ويجري نقلها من مكان لآخر دون التكيف مع ظروف المكان والزمان، فنجد عند الممارسين صورا مكررة لما ألفوه مكتوبا، أو ما خبروه في حياتهم التعليمية؛ التي تتصف بقدر كبير من المحافظة والتقليد ومقاومة التجديد.”
أخيرا إن كتاب “الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام” يتضمن مواضيع شتى، نذكر منها على سبيل المثال: القرآن والحديث وتاريخ الاجتهاد وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم وأهمية الفكر وحيوية المجتمع.
حرر بالرباط في 15 أكتوبر 2024